
10 مارس سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي يمثل مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في المؤتمر الثاني لرابطة العالم الإسلامي حول التقريب بين المذاهب الإسلامية ويترأس جلسته الرابعة
بدعوة كريمة من اللجنة المنظمة للمؤتمر الثاني لرابطة العالم الإسلامي حول التقريب بين المذاهب الإسلامية، مثّل سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي، رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، المركزَ، في أعمال المؤتمر الذي عُقد يومي الخميس والجمعة الموافق لـ 6 – 7 مارس، 2025، في مكة المكرمة، برعاية خادم الحرمين الشريفين، وببحضور نخبة من العلماء والمفكرين وقادة الرأي وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
وتأتي مشاركة المركز في إطار الجهود المستمرة التي يبذلها المركز لتعزيز ثقافة الحوار والتفاهم والتسامح، سواء على مستوى الأديان أو داخل إطار التنوع الفقهي والمذهبي الإسلامي. وقد ناقش المؤتمر عددًا من القضايا المحورية التي تسلط الضوء على أهمية التقريب بين المذاهب الإسلامية كمدخل لتعزيز الوحدة بين المسلمين، والحد من التحديات الفكرية التي قد تعوق التعايش المشترك.
وفي هذا السياق، قال الدكتور النعيمي: “إن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان يؤمن بأن الحوار بشكل عام، سواء بين الأديان أو بين المذاهب داخل الدين الواحد، هو السبيل الوحيد لترسيخ ثقافة التفاهم والتعايش، وهو أداة رئيسية لمواجهة التطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تعوق وحدة الأمة”.
وأشار إلى أن المركز، منذ تأسيسه، عمل على تعزيز ثقافة الحوار من خلال مؤتمراته الدولية، وبرامجه البحثية، وشراكاته مع المؤسسات الدينية والفكرية حول العالم، مما جعله اليوم لاعبًا رئيسًا في مجال التقريب بين الشعوب والأديان والثقافات، مؤكدا على أن التقريب بين المذاهب الإسلامية يتفق في جوهره عن الحوار بين الأديان، فكلاهما يسعى إلى تجاوز الخلافات لصالح التفاهم الإنساني المشترك. وعن هذا يصرح الدكتور النعيمي قائلًا: “كما نؤمن في حوار الأديان بأن اللقاء بين أتباع الديانات المختلفة يعزز الفهم المشترك، فإن الحوار بين المذاهب يُسهم في إزالة الحواجز النفسية والفكرية بين المسلمين أنفسهم، مما يرسخ مفهوم الأمة الواحدة رغم تعدد مدارسها الفقهية والفكرية”. موضحًا أن: “التقريب لا يعني طمس الاختلافات أو فرض رؤية موحدة، بل العمل على ترسيخ مفهوم التنوع كقيمة مثرية للفكر الإسلامي، لا كمصدر للفرقة والانقسام.”
ومما يجدر الإشارة إليه هو أن الدكتور النعيمي ترأس الجلسة الرابعة من أعمال المؤتمر في اليوم الثاني، وكانت تحت عنوان “قضايا الأمة وتنسيق المواقف”، وهي تعد من الجلسات المهمة في المؤتمر من حيث محورها وموضوع نقاشها وكذلك المتحديثن فيها.
جاءت هذه الجلسة لتسلط الضوءَ على أهم القضايا والتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم، وبخاصة القضية الفلسطينية والتغيير الإيجابي في سوريا، والأوضاع في السودان، وواقع الأقليات المسلمة، وغيرها، للخروج بآليات فعَّالة لتنسيق الجهود بين عُلماء الأمة وقادتها لمواجهة هذه التحديات بروح الألفة والتعاون، والتصدي للفتن الطائفية، وتعزيز صوتٍ إسلاميٍّ مُوحَّد في القضايا الكبرى، والدفاع عن الثوابت والحقوق والمقدسات.
وقد استهل الدكتور النعيمي الجلسة بالإشارة إلى ما شهدته الألفيةِ الثالثة من تحولاتٍ عميقةً وجذريةً شكَّلت أحداثًا وتغيراتٍ مهمةً في مجالاتِ الحياةِ المعاصرة، بما في ذذلك من تحدياتٍ سياسيةً واجتماعية وثقافية واتصالية وتقنية، وفي ظلِّ هذه المتغيرات المعاصرة وما تشهده قضايا أمتنا من تحديات فإننا بحاجة إلى أن نستمع إلى وجهاتِ النظرِ والآراءِ حول أهم القضايا والتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم، والحوار مع المفكرين وأصحاب الرأي حول طرقِ وسُبل ومنهجيةِ التصدي لهذه التحديدات
هذا، وقد عبر الدكتور النعيمي عن سعادته بالتواجد في هذا الحدث الفكري المهم الذي جمع أكثر من 150 شخصية من كبار المفكرين وأصحاب القرار، مشيدًا بالجهود التي تبذلها رابطة العالم الإسلامي في تعزيز التفاهم بين المذاهب الإسلامية. كما أعرب عن استعداد مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان للتعاون مع رابطة العالم الإسلامي، وجميع المؤسسات العريقة العاملة في مجال الحوار وبناء الوحدة الإسلامية، بهدف إطلاق مبادرات أكاديمية ومجتمعية تدعم جهود التقريب الفكري والمذهبي، وتعزز ثقافة التسامح والاعتدال. وأضاف: “نحن على استعداد للتعاون مع أي جهد فكري أو أكاديمي يسهم في تصحيح المفاهيم المغلوطة، وفي تعزيز القيم المشتركة، وبناء مناهج تعليمية تُنشئ جيلًا يؤمن بأن التنوع داخل الأمة الإسلامية هو مصدر قوة، وليس سببًا للانقسام”.
يذكر أن الدكتور النعيمي أكّد أيضا على أن: “الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أحد أهم الأدوات لمكافحة العنف والتطرف وترسيخ قيم التسامح والوسطية. ” وأوضح أن: “التطرف ينمو في البيئات التي يغيب فيها الحوار، بينما المجتمعات التي تتبنى ثقافة النقاش والتفاهم قادرة على تحصين نفسها من الانقسامات الفكرية والطائفية.”
وأضاف: “التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي اليوم تتطلب رؤية موحدة تقوم على تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، بعيدًا عن التعصب والتطرف. ومن هنا، فإن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان يعمل على تحويل الحوار إلى ممارسة عملية داخل المجتمعات، من خلال برامجه البحثية والتعليمية والتوعوية”.
يجدر بالذكر أن أعمال المؤتمر اختُتمت بتوصيات تدعو إلى تفعيل البرامج العلمية والتوعوية لتعزيز ثقافة التقريب، والعمل على تقليص الفجوة بين أتباع المذاهب الإسلامية من خلال منصات الحوار والتواصل العلمي.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور النعيمي على أن “مستقبل العالم الإسلامي يعتمد على قدرتنا على تحويل الحوار إلى نهج حياة، يتجاوز القاعات الأكاديمية إلى واقع المجتمعات، حيث تُبنى جسور التفاهم على أسس من الاحترام المتبادل والرؤية المشتركة لمستقبل أكثر وحدة واستقرارًا”.
Sorry, the comment form is closed at this time.